السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
الإفطار على التمر والماء من السنن النبوية العظيمة ، التي أثبت الطب قديما وحديثا فوائدها للصحة والوقاية من الأمراض ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة فن لم يجد فالماء فإنه طهور " ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر قبل أن يصلي على رطبات فتميرات فإن لم تكن رطبات فتميرات حسا حسوات من الماء .
إن إختيار الرسول صلى الله عليه وسلم للرطب والتمر والماء ليفطر عليها الصائم فيه نظرة ثاقبة وتوافق تام مع النصائح الطبية وهذا دليل على إلهام الله سبحانه وتعالى لنبيه الكريم ، اذن ما الحكمة من تناول التمر والماء عند الإفطار وخاصة في رمضان ؟!
من المعروف أن الصائم عند نهاية صومه يكون في أشد الحاجة لعاملين مهمين أولهما مصدر غذائي لتوليد الطاقة بصورة عاجلة جدا والثاني تعويض النقص في الماء ، وهذان العاملان متوفران في الرطب والتمر ، فالرطب يحتوي على نسبة عالية من السكريات الأحادية والثنائية " الجلوكوز والسكروز " بما لا يقل عن ربع إلى نصف وزن الحبة الواحدة من الرطب ومن 65% - 70% ماء ونسبة بسيطة من الألياف والبروتينات ونسبة زهيدة جداً من الدهنيات النباتية ، والتمر يختلف قليلاً عن الرطب بزيادة نسبة السكر فيه والتي تصل من نصف إلى ثلاثة أرباع وزن حبة التمر وقليل من الماء بنسبة تصل إلى ربع الوزن تقريباً .
ويتضح جلياً من ذلك أن الرطب والتمر بهما نسبة كبيرة من السكريات والماء ، وسكر التمر من السكريات السريعة الإمتصاص ، أي أنه خلال دقائق يمتص السكر ويصل إلى الدم عكس السكريات المركبة أو المستخلصه من النشا وهذا يعني تحسين مستوى السكر في الدم بسرعة .
ولو عوض الصائم النقص في السكريات بالخبز أو الأرز مثلا فهذا يحتاج وقتاً أطول لإستخلاص السكريات وتحوزيلها إلى مركبات بسيطة ، ومن ثم تزداد المتاعب التي يتعرض لها الجسم ، وكأن الصائم لم يفطر بعد .
وشدد الخبراء على أهمية ما يحتويه الرطب والتمر من ألياف غذائ\ية طبيعيه تساعد حركة الأمعاء وتقاوم الإمساك ، أما الماء فهو ضروري جداً لإعادة الحياة إلى الأنسجة الجافة ، كما أنه يعادل الدم المركز ويمنع حدوث التخثر ويفيد من لديه قابلية لتكون حصوات الكلى ، لأن الماء يذيب الأملاح ويمنع ترسبها .
هل يتم الصائم إفطاره بعد التمر والماء مباشرة ؟!
من الأفضل الإكتفاء بالتمر وبعض السوائل كالقهوة والماء أو العصير مثلا ثم الذهاب لأداء صلاة المغرب ومن ثم العودة لإكمال الإفطار ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجل فطره ويعجل صلاة المغرب ويقدمها على إكمال الإفطار وهذا الهدي يتوافق تماماً مع النصائح الطبية .
فبعد أكل التمر وشرب الماء وتترك المعدة والأمعاء لفترة 10-15 دقيقة وهو وقت الصلاة لتعمل على الإمتصاص وإستخلاص السكر ويكون الإمتصاص أكثر ما يكون عندما تكون المعدة والأمعاء خاليتين ، هذه الدقائق كفيلة برفع نسبة السكر في الدم إلى المستوى الطبيعي وهذا يؤدي إلى عودة نشاط الجسم وحيويته وأيضاً يزيل الشعور بالجوع ، وعندما يعود المسلم لإكمال إفطاره ، ونتيجة لعدم الإحساس بالجوع الشديد ، فإنه لا يأكل بنهم وشراهة ، لكنه لو استمر في الأكل بعد تناول التمر وقبل الصلاة لملأ بطنه كثيراً قبل أن يشعر بالشبع ، كما أن المعدة التي كانت شبه نائمة أثناء الصوم تحتاج من يوقظها برفق لتؤدي عملها على الوجه المطلوب .