فضل مهنة التعليم والمعلم : تتفاوت المهن والوظائف في قيمتها تبعا لتفاوت مدي تأثيرها في المجتمع ولا يعني ذلك تفضيل مهنة عن أخري إلا رغبة من الفرد نفسه وتبعا لميوله وقدراته ورغبته الشخصية في ممارسة هذه المهنة وبشكل عام فالفرد مطالب باحترام العمل بوجه عام فالعمل عبادة ولا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوى فلا يجب تحقير مهنة محددة فكل مهنة لها متطلباتها وخصائصها ومهاراتها الفنية وكل مهنة لها أهميتها داخل المجتمع مهما صغر شأنها , ويعود تفضيل مهنة دون الأخرى أيضا إلي النظرة الاجتماعية وثقافة المجتمع نفسه . وقد ينظر البعض في الوقت الحالي إلي مهنة التدريس علي اعتبارها فقط مهنة ومصدر للرزق فقد يقوم بعض المعلمين بإعطاء الدروس الخصوصية مثلاُ .
وأيضاُ يحصل من يقوم بالعمل في مجال التعليم علي أجازة سنوية أثناء الصيف بعد انتهاء العام الدراسي وهذا لا تتميز به باقي المهن .
ولكن هذا لا يعفي المعلم من المسئولية الخطيرة التي تقع علي عاتقة فهذه المهنة تختلف عن غيرها في خطورتها فالمعلم مؤتمن علي مستقبل أبناء المجتمع وهو المسئول عن تشكيل عقول الأجيال القادمة وصيغتها نفسياُ وعقلياُ.
فعلي الأقل لا يجب أن تنسي أو تتناسى أيها المعلم أن أحد تلاميذك سوف يكون مسئولاُ في احد الأيام عن إدارة يرتبط بها شأن من شئونك فقد يصبح تلميذك طبيباُ يعالجك أو قاضياُ يحاكمك أو صهراُ يناسبك فماذا بحب لنفسك أيها المعلم يجب أن تضع هذه الصورة أمامك دائماُ أمامك وتتعامل مع تلاميذك بهذا المنطلق .فمهنة التعليم مهنة يحترمها عدد غير قليل من التلاميذ والطلاب ويتمنون أن يمارسونها لما لها من فضل ومكانه داخل أي مجتمع مهما حدث من نقد للمعلمين علي مر العصور فهي مهنة الأنبياء والرسل زهي مهنة إعداد القادة والعظماء للأجيال القادمة وإعداد الأفراد للانسجام والتكيف مع المجتمع وتنمية قدراتهم وسلوكياتهم للتعامل مع المجتمع , وقد يختارها الطالب كمهنة برغبته وبدافع وإيمان قوي بأهمية الرسالة التي تقوم عليها هذه المهنة وهذا هو الأفضل بالطبع ولكن هناك آخرون يختارونها لوجود أسباب أخري فرعية مثلا كحبه للتعامل مع الأطفال والنساء الصغير و لذلك يكثر المعلمات الإناث في هذه المهنة لقربها من المشاعر الإنسانية التي تتميز بها الأنثى لحبها للأطفال وخاصة في المراحل الأولي للتعليم والسن الصغير وأيضا قد يختارها البعض لما تتميز بها من وجود أجازة صيفية لا تتميز بها المهن الأخرى , فالمعلم يحصل علي أجازة سنوية تعتبر هي الأفضل ذلك لتوقف الدراسة بعد الامتحانات ويجب وضع النقاط الأساسية التالية في الاعتبار قبل البدء أو التفكير في اختيار مهنة التعليم كمهنة :
أ. مهنة التعليم مهنة التعامل مع البشر : فمحاولة نقل المعلومات والتراث وإكسابها للأجيال الجديدة تتطلب من المعلم العمل علي معرفة وإدراك صفات وخصائص المراحل السنية المختلفة ليتمكن من التعامل معهم و أيضا تهتم مهنة التعليم بالتعامل مع الأسرة والآباء لمتابعتهم الدائمة لمستوي أبنائهم والتأكد من نموهم المعرفي والسلوكي أثناء الدراسة ولذلك يمثل المعلم حلقة الوصل بين المجتمع ممثلا في الأسرة من جهة والتلميذ من جهة أخري . وبذلك توضع عل عاتق المعلم العديد والعديد من المسئوليات التي يلتزم بأدائها وهي بذلك تميز هذه المهنة التي تعتبر مهنة التعامل مع البشر وعقول البشر وهي ليست بالمسئولية البسيطة .
ب. مهنة التعليم مهنة تستلزم الكثير من المسئولية : فكثير من الأفراد ينظر للمعلم علي انه الملقن للمعلومات ويكتفي بذلك , ولكن مهنة التعليم علي العكس تستلزم مسئوليات عديدة , فالمعلم هو الفرد المسئول عن الرعاية النفسية والعلمية لتلاميذه ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن المعلم يتحمل مسئولية العديد من الأفراد خلال العام الدراسي وهو الشخص الأكثر تأثيرا بعد الأسرة بالطبع في شخصية المتعلم ذلك أن اليوم الدراسي الذي يمثل علي الأقل ثلث اليوم يقضيه المعلم مع تلاميذه داخل الفصل وهو يمثل إليهم القدوة ومصدر العلم والمعلومات , وهو الوحيد الذي يستطيع أن يؤثر نفسيا في تلاميذه بالشكل الذي يجعلهم أشخاص محبين للتعلم أو أفراد يكرهون التعلم والتعليم بوجه عام وذلك من خلال أدائه المهني داخل الفصل , فكثيرا ما نري تلاميذ يكرهون المدرسة بسبب احد المعلمين و آخرون يحبون المدرسة بسبب المعلم أيضا ولذلك نؤكد علي أن مهنة التعليم تستلزم من المعلم أن يكون مسئولا عن رسالته وعن تلاميذه ومؤمنا بالرسالة التي يؤديها.
ج. مهنة التعليم مهنة المعرفة وأيضا مهنة الحوار والجدال : لم يعدينظر العديد من الأفراد للمعلم علي انه احد مصادر المعرفة فقط ولكن يجب أن يكون هناك نوع من التفاعل بين المعلم والمتعلم , فلم يعد دور المعلم هو إلقاء المعلومات فقط وإنما التأكد من فهم واستيعاب المعلومات ويستلزم ذلك وجود نوع من التواصل بين المعلم والمتعلم وذلك عبر عدة قنوات قد تكون بالحوار والمناقشة أو من خلال الاتصال الحديث عبر شبكة الانترنت أو وجود أي نوع من أنواع التواصل بين المعلم والمتعلم بحيث يعطي للتلميذ الحرية لطرح الأسئلة للتعبير عن الموضوعات التي تحتاج إلي تفسير وشرحها مره أخري , ولذلك لم تعد مهنة المعلم هي إلقاء المعلومات وحسب ولكن التأكيد علي اكتساب التلاميذ لها وذلك عن طريق الاستماع الجيد لاستفسارات وأسئلة التلاميذ وخوارهم للتأكد من استيعابهم الكامل للمحتوي الدراسي.
د. مهنة التعليم مهنة الضغوط النفسية :فمع ضغوط الحياة اليومية لكسب الرزق لنتخيل أن هذا المعلم يجب عليه أن يواجه ضغوطه النفسية بعيدا عن مجال العمل وبعيدا عن المدرسة وتلاميذه , بل ويجب علية أن يكون قادرا علي التحكم في هذه الضغوط النفسية واستيعاب كل المواقف إلي تحدث داخل الفصل من عنف وبشكل معتدل وبدون أي إثارة وذلك لاستيعاب التلاميذ والبعد عن العنف بأنواعه سواء العنف الجسدي أو العنف النفسي والتعصب أو العنصرية وذلك لكي يستطيع أن يمارس سلطته علي إدارة الفصل و القيام بعملة علي أكمل وجه وذلك بالطبع يتطلب إعداد المعلم إعدادا نفسيا ليصبح المعلم أكثر اتزانا انفعاليا لكي يستطيع التعامل مع هذا الكم الهائل من الضغوط النفسية الملقاة علي عاتقة.
هـ. مهنة التعليم مهنة ليست بالسهلة : قال البعض فيما مضي أن مهنة التدريس والتعليم هي مهنة من لا مهنة له وهذا خطاء فادح , فمهنة التعليم والتدريس ليست بالمهنة السهلة ولنتخيل المعلم وهو يقضي معظم حياته اليومية في المهام التدريسية حتى بعد انتهاء اليوم الدراسي وذلك لإعداد الأنشطة التدريسية وتصحصح الاختبارات والتدريبات والواجبات المدرسية ولا ينتهي الأمر إلي هذا الحد بل يجب علية أن يقوم بتقييم تلاميذه والتخطيط لعملية التقويم وإعداد البرامج العلاجية اللازمة لمساعدتهم علي التعلم بشكل فردي لضمان انسجامهم وتقدمهم في الدراسة ويضع في الاعتبار دائما انه قضوه لتلاميذه فهو دائما وأبدا نموذج يحتذي به أمام الجميع فحقا إن مهنة التعليم مهنة الأنبياء والرسل وهي ليست بالمهنة السهلة.
و. مهنة التعليم علم وفن : إن التعليم والمقصود بالتعليم هنا بوجه عام هو فن مساعدة الآخرين علي التعلم إنها عملية تلهم وتثير الشخص المتعلم لكي يعمل علي اكتساب نوع جديد من السلوك و الخبرات والمهارات والمعارف , وتمثل عملية التدريس بوجه عام مجموعة النظريات والحقائق التي تطبق وتحول إلي مهارات وخبرات من خلال الممارسة والتدريب وللتدريس أهداف أسمي وأعمق من اكتساب المعارف تهدف إلي اكتساب المهارات وتعديل السلوك. فالتدريس علم كباقي العلوم الأخرى ولكنة يتضمن فناً تطبيقياً لمجموعة من القوانين والنظريات في مجال التعليم والتعلم , لذلك ينظر للتدريس كفن ويقصد به الأسلوب الذي يتبعه المعلم بغرض تذويد التلاميذ بالخبرات العلمية , فالتدريس كعلم يعلمنا كيف نعرف وكفن يعلمنا كيف نعمل والعلم والفن في التدريس متداخلان ويكتسبهما المدرس عن طريق الاستعداد والممارسة فالجانب النظري هو العلم والعملي التطبيقي هو الفن .