السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجدته في احد المنتديات
أن المؤمن قد يخطىء فالله لم يكلف احد بالعصمة من الخطأ إنما كلف المؤمن إذا أخطأ أن يتوب إلى رشده وأن يزيح ما علق به من إثم.
قال تعالى (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ))
فهذه تطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها .
ثبت في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لله أشد فرحا بتوبة
عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة , فانفلتت منه ,
وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فأضطجع في ظلها – قد أيس من
راحلته – فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة
الفرح اللهم أنت عبدي وان ربك – أخطأ من شدة الفرح –"
وما أجمل تلك الحكاية التي ساقها ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين
حيث قال : " عن بعض العارفين أنه رأى في بعض السكك باب قد فتح وخرج منه صبي
يستغيث ويبكي , وأمه خلفه تطرده حتى خرج , فأغلقت الباب في وجهه ودخلت
فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف متفكرا , فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج
منه , ولا من يؤويه غير والدته , فرجع مكسور القلب حزينا . فوجد الباب
مرتجا فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ونام , وخرجت أمه , فلما رأته على
تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه , والتزمته تقبله وتبكي وتقول : يا
ولدي , أين تذهب عني ؟ ومن يؤويك سواي ؟ ألم اقل لك لا تخالفني , ولا
تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك .
وارادتي الخير لك ؟ ثم أخذته ودخلت .
فتأمل قول الأم : لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة
والشفقة . وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم " الله أرحم بعباده من الوالدة
بولدها " وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل شيء ؟ فإذا
أغضبه العبد بمعصيته فقد أستدعى منه صرف تلك الرحمة عنه , فإذا تاب إليه
فقد أستدعى منه ما هو أهله وأولى به .
حين تقع في المعصية وتلم بها فبادر بالتوبة وسارع إليها , وإياك والتسويف
والتأجيل فالأعمار بيد الله عز وجل , وما يدريك لو دعيت للرحيل وودعت
الدنيا وقدمت على مولاك مذنبا عاصي ,ثم أن التسويف والتأجيل قد يكون مدعاة
لاستمراء الذنب والرضا بالمعصية , ولئن كنت الآن تملك الدافع للتوبة وتحمل
الوازع عن المعصية فقد يأتيك وقت تبحث فيه عن هذا الدافع وتستحث هذا الوازع
فلا يجيبك .
لقد كان العارفون بالله عز وجل يعدون تأخير التوبة ذنبا آخر ينبغي أن
يتوبوا منه قال العلامة ابن القيم " منها أن المبادرة إلى التوبة من الذنب
فرض على الفور , ولا يجوز تأخيرها , فمتى أخرها عصى بالتأخير , فإذا تاب
من الذنب بقي عليه التوبة من التأخير , وقل أن تخطر هذه ببال التائب , بل
عنده انه إذا تاب من الذنب لم يبقى عليه شيء آخر